هاتفتني ذات يوم فتاة حديثة عهد بزواج تشتكي من خروج زوجها شبه اليومي لأصدقائه، وعودته المتأخرة للمنزل، و تتسأل كيف يمكنني تغييره بأن يمكث بالبيت، ولا يلتقي بأصحابه إلا نهاية الأسبوع! بعد السؤال، والاستيضاح تبين لي أنها تتبنى فكرةً مفادها "أني مسؤولة عن زوجي، ويجب عليّ كزوجة أن أسعى لتغيير سلوكياته، وتصحيح أخطاءه"! لكل منا مفهومه، وتصوره الخاص عن الزواج، وعن علاقة الرجل بالمرأة والعكس؛ و لكن هل أفكارنا صحيحة؟ أم أنها تحتاج إلى فلترة، وغربلة، وتنقية من الشوائب الفكرية الخاطئة؟! يدخل الكثير من الشباب، والفتيات الحياة الزوجية، وهو محّمل بمجموعة من المعتقدات، و الأفكار ، والمفاهيم الخاطئة عن الزواج، وعن شريك الحياة حتى باتت مسيطرة على تفكيرهم، والتي سببت نفورا بين الزوجين، ودفعت إلى مزيد من التوتر في علاقتهم، وهي أفكار قد شاعت على ألسنة الكثيرين، وتوارثتها الأجيال، وتناصح بها الأهل، والأصحاب، وجسدها الإعلام، و كأنها معتقد راسخ، وموروث مقدس. لنستعرض سوياً معنى الفكرة، و هي كل ما يخطر على البال من آراء وتأملات وتحليلات للأشياء والأحداث، سواء كانت حلولًا أو اقتراحات جديدة أو تحليلات للوقائع. فهي نتاج عملية التفكير. أما المفهوم فهو فكرة مجردة تمثل السمات الأساسية للشيء الذي تعبر عنه. يمكن أن يتكون المفهوم من خلال التجريد أو التعميم، أو كنتيجة لتطور الأفكار الموجودة. وهو يشمل جميع الصور الذهنية الممكنة، سواء كانت تعبيرًا عن أشياء واقعية ملموسة أو عن أمور مجردة غير مادية. إن العلاقة الزوجية شأنها كشأن العلاقات الإنسانية لها مفاهيمها، و تصوراتها الصحيحة، والخاطئة، التي إذا لم يتم التعامل معها بالشكل السليم، والطريقة الملائمة قد تكون هي معول هدم، وأداة تخريب للعلاقة بين الزوجين، وقد تصل إلى حد الطلاق. ومن نماذج هذه المفاهيم الخاطئة الهدامة التي تزعزع أركان، وركائز الحياة الزوجية أن الزواج مقبرة الحب، عش حياتك كما كنت.. أنت رجل إذا أنت حر، الزوجة آلة، والزوج آلى صرف، تشابه الشخصيات يقتضي نجاح الزواج، و النظر للمرأة أنها هي الأضعف دائما، الاعتذار ضعف وينافي الرجولة، و كن صريحًا مع شريكك، ولا تجامل. إن الحل لمثل هذه المفاهيم الخاطئة يكمن في رفع مستوى الوعي لدى الجنسين؛ لعدة أمور منها إدراك ماهية الزواج بمفاهيمه الصحيحة، ومقاصده السامية، واستشعار أنه حياة تقوم على الاحترام والالتزام، و التشارك، والمودة، والرحمة بين الزوجين؛ لتتحقق السكنى كما ذكرها الله في كتابه الكريم. وهذا الشعور يدفع الزوجان؛ لأن يعيشا وهما مدركان لقيمة الزواج، شاعران بأهمية كل منهما، وتقديره، وحبه للأخر. خلاصة القول هي: أن انتشار مثل هذه المفاهيم المسمومة بين أوساط الشباب، والفتيات أدى إلى عزوف، أو تراجع كثير منهم عن مشروع الزواج؛ لخوفهم من الفشل بسبب تبنيهم عدداً من الأفكار المغلوطة؛ لذلك لابد من فلترة، وغربلة الصحيح من السقيم، ولفظ السيء، والتشبث بالجيد منها؛ لكي تنمو العلاقة بين الزوجين، وتزهر بالمحبة، وتكتسي بالاحترام، وتحصن بالثقة. والسؤال الأهم، هل لديك مفاهيم خاطئة عن الزواج، وعن شريكك..؟! إذاكانت الإجابة بنعم، فسارع بفلترتها، والتخلص منها.