أكرم الإسلام الأنثى ورفع منزلتها، ولم يوقّر شأنها دينٌ سواه، فهي في صِباها قرة العين، وريحانة والديها وإخوانها، وفي كِبَرها هي المعززة المكرمة في بيت زوجها، فهي في ظل الإسلام ورحابه آمنة مُنعّمة. عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “لَا تَكْرَهُوا الْبَنَاتِ، فَإِنَّهُنَّ الْمُؤْنِسَاتُ الْغَالِيَاتُ”. إشارة لطيفة من وصية نبوية شريفة نستقي منها إكرام الإسلام للمرأة، ونتأمل فيها إحسان النبي ﷺ لبناته، وكيف عاملهن. فهذه فاطمة قرة عين رسول الله ﷺ وأحب بناته إلى قلبه، كانت إذا دخلت على النبي ﷺ قام لِمَقدمها وقبّلها وأجلسها مجلسه، ليشعرها بقدرها ومكانتها الكبيرة في نفسه. وها هي زينب يَقبل منها رسول الله ﷺ قلادتها التي أرسلتها فداءً لفك زوجها أبي العاص بن الربيع، ثم يعيد ﷺ قلادتها إليها بعدما شاور أصحابه ورأوا تأثّره بالقلادة التي ذكّرته بخديجة رضي الله عنها. أما أُمامة حفيدة رسول الله ﷺ، كان يأخذها معه إلى المسجد، ويحملها على عاتقه أثناء صلاته، فكانت رحمته وعطفه ﷺ تتمثل في اهتمامه بها. هذه أمثلة من حياة النبي ﷺ كشفت لنا المربي العظيم صاحب اللمسات الحانية، لم تقف التربية المحمدية إلى هنا بل حذا حذوه الصحابة وتابعيهم، فكانوا خير خلف لخير سلف. فهذا عبد الله بن مسعود، حين أقبلت عليه ابنته وكانت صغيرة، فضمّها إليه وقبّلها وقال: “يا مرحبًا يا ستر عبد الله من النار”. وهذا معاوية يُشيد بابنته حينما دخل عليه عمرو بن العاص فسأله من هذه؟ فقال معاوية: “تفاحة القلب وريحانة العين”. وكان الإمام أحمد بن حنبل إذا علم أن أحدًا من أصحابه وهبه الله بنتًا قال: “أخبروه أن الأنبياء آباء بنات”. هكذا هي التربية النبوية، وهكذا كانت تربية السلف، وها نحن نسير على خطاهم. فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاح.