قالوا لي: أعتزل ما يؤذيك! قالوا لي: لا تسمح لأحد أن يكون أول أولوياتك! قالوا لي: انسحب من محيطك ومجتمعك حينما لا يقدرون قيمتك! لكن السؤال هنا: ما هو المعنى الحقيقي لإعتزال ما يؤذيك بالنسبة لك ولي؟ ومن أعتزل؟ هل أعتزل والدي؟ إخواني وخواتي؟ زوجي أو زوجتي؟ أقاربي؟ أم مجتمعي؟ 1. كن أول أولوياتك! هل أقدم حاجتي على حاجة من؟ هل أقدمها على حاجة أمي وأبي؟ 2. كن ذو قيمة!وهل قيمتي تكمن في مأكلي وملبسي وآخر صيحات الموضة؟ أم في سفرياتي ورحلاتي فقط! ولماذا لا تكون قيمتي في الأشياء التي أقدمها لأسرتي وأهل بيتي، أبنائي، مجتمعي؟ أو لنفسي من تنمية مهاراتي وتطوير ذاتي؟ 3. لنفسك عليك حق!نعم، صحيح أصبت بأن لنفسك عليك حق، ولن أتجادل معك في ذلك الأمر. لكنك توقفت هنا! لماذا؟ أكمل! ولنفسك عليك ولأهلك عليك حق، حتى جارك له حقوق عليك؛ فالحقوق والواجبات كثيرة، فأعطِ كل ذي حق حقه. للأسف، تكررت هذه الكلمات كثيراً وقاموا بالتفوه بها في كل مكان وفي أي زمان! غيروا معانيها وبدلوا مقاصدها، صار الكبير يقتدي بها قبل الصغير، وأصبحوا يتفاخرون بقطع العلاقات وهدم البيوت ونشر الأسرار، يتسابقون على التجريح والهجران ويتجاهلون الأمر بالمعروف، عن جهل ودون وعي أو إدراك ما تعنيه هذه الكلمات. تبدلت ثقافتنا، وقلة علاقاتنا، وازدادت خلافاتنا. إلى متى الغزو الفكري؟ إلى أين يا مشاهير التخبط؟ إلى أين سنصل؟ فهناك من وصل به الأمر إلى مرحلة العظمة والغرور والأنانية، ومنهم من انتهى به المطاف إلى الوحدة والعزلة، لا صديق بجانبه، ولا قريب، ولا حبيب. ألم تسمع قول اللّٰه تعالى: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمُسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا». حب ذاتك.. ولكن! حب الذات لا يعني الإسراف بحبها وتجاهل من حولها أو التحقير والتجريح لغيرها. حب الذات يعني أن تحب نفسك كما هي، أن تتقبلها بجميع جوانبها السلبية والإيجابية، بنقاطها الضعيفة والقوية. حب الذات هو أن تسعى إلى تطويرها وإلى تنميتها، أن تؤمن بقدراتك وتحترمها وتكون صادقاً معها. حب الذات هو أن تكافئ نفسك على إنجازاتك، وتزيد من خبراتك. ( حب الذات هو بداية قصة حب تدوم مدى الحياة.)