الزواج كلمة يرقص لها القلب طربًا، وينشرح لها الصدر طلبًا، وهي نعمةٌ من أعظم نعم الله عزَّ وجل على عباده، وركنا هذا الزواج هما الزوج والزوجة، جمع الله بين هذينِ القلبين الغريبين، ليجعل بينهما مودةً ورحمةً، وطُمأْنينةً وسكينةً، وراحةً واستقراراً، وأنساً وسعادةً، ولأجل بناء زواج ناجح ومستقر، لابد من معرفة الطريقة الصحيحة لإنشاء علاقة زوجية ناجحة، فالزوجان مسؤولان عن تكوين أسرة مستقرة مبنية على أسس صحيحة. ولتكوين هذه الأسرة لابد من الالتزام بقواعد تحقق الاستقرار لها، تم تلخيصها في خمس قواعد. القاعدة الأولى ▪ قاعدة الدين والخلق : قال رسول ﷺ: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير” رواه الترمذي يعد الدين أعظم صفة يجب أن تتوافر في الزوج، حيث يجب أن يكون ملتزماً بشرائع وحدود الدين الإسلامي في كلِّ أمور حياته، وهذه أهم صفة يتوجب أن يبحث عنها ولي الأمر عندما يتقدم شخص لخطبة ابنته، لأن من يضيع حق الله عز وجل قد يضيع حقوق من هم دون ربه، فالزوج صاحب الدين يحافظ على حقوق زوجته ولا يظلمها، فإن أحبها أكرمها وتعامل معها بالحسنى والمعروف، وإن كرهها لم يهنها ولم يظلمها. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَلِجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) أبو داود والنسائي. وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرَّته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته)) يعني: إذا نظر إلى أحوالها وكيف تقضي وقتها، وكيف تطيع ربَّها وتتقرَّب إلى الله تعالى بحسن تبعُّلها لزوجها وبقوامته عليها، فكلما رأى وشاهد أحوالها، دخل عليه السرور والبهجة بهذه الأحوال، وتحقق الاستقرار. القاعدة الثانية ▪ قاعدة القوامة للزوج : دل القرآن والسنة على أن للزوج حقا مؤكدا على زوجته ، فهي مأمورة بطاعته ، وحسن معاشرته ، وتقديم طاعته على طاعة أبويها وإخوانها ، بل هو جنتها ونارها ، ومن ذلك: قوله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم ) النساء/34 وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ” رواه البخاري قال الألباني رحمه الله (فإذا وجب على المرأة أن تطيع زوجها في قضاء شهوته منها ، فبالأولى أن يجب عليها طاعته فيما هو أهم من ذلك مما فيه تربية أولادهما ، وصلاح أسرتهما ، ونحو ذلك من الحقوق والواجبات) القاعدة الثالثة ▪ قاعدة طاعة الزوجة لزوجها: طاعة الزوجة لزوجها تكمنُ باستجابتها لِما قرّره الشرع عليها من واجبات؛ فعندما تؤدّي ما عليها من واجبات تكون بذلك زوجةً صالحةً، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا صَلَّتْ المرأةُ خمسَها، وصامَتْ شَهْرَها، وحفظَتْ فَرْجَها، وأَطَاعَتْ زَوْجَها، قيل لها: ادْخُلِي الجنةَ من أَيِّ أبوابِ الجنةِ شِئْت رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4162 ، أخرجه في صحيحه. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لَوْ كُنْتُ آمِرًا أحدًا أنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ ؛ لأَمَرْتُ المرأةَ أنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِها ، ولا تُؤَدِّي المرأةُ حقَّ زَوْجِها ؛حَتَّى لَوْ سألَها نَفْسَها على قَتَبٍ لأَعْطَتْهُ) صححه الألباني. القاعدة الرابعة ▪ قاعدة قرار الزوجة في بيتها: حثَّ الشَّرعُ الحنيفُ النساءَ على القَرارِ في البيتِ، وعدمِ الخروج إلاَّ للحاجة؛ كالصَّلاة في المسجد، وطلب العلم، والاستفتاء، والدعوة في سبيل الله بالضَّوابط، وزيارة الآباء والأمَّهات، وذوي المَحارم، وقضاءِ الحاجات التي لا غِنى للمرأة عنها، ولا تجد مَن يقوم بها، وقد وردَ من النُّصوص الكثيرة ما يدلُّ على هذا الأصل؛ منها قوله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ الأحزاب: 33. القاعدة الخامسة ▪ قاعدة استطاعة الباءة: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِيعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاءٌ». رواه البخاري ومسلم أي من استطاع منكم على أسباب الجماع ومؤن النكاح المادية من المهر والنفقة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم لقطع شهوته. بهذا يتبيّن أن رسولنا عليه أفضل الصلوات والتسليم وجه خطاباً لكل شاب أن يتزوج إن كان قادراً على ذلك حصناً لفرجه وغضاً لبصره، وإن لم يكن بمقدوره تحمل مايترتب على الزواج فعليه التصبّر بالصوم